قصة حارس الكنز وحكمة الأجداد حكايات من التراث القديم

 

قصة حارس الكنز وحكمة الأجداد حكايات من التراث القديم 

الجزء الأول: بداية الرحلة الى كنز الأجداد

في سالف الزمان، وفي إحدى القرى القديمة الواقعة بين الجبال والسهول، عاش شاب يُدعى مالك. كان فتى شجاعًا حكيمًا، يتمتع بذكاء فطري جعله محبوبًا بين أهل قريته. لكنه كان دائمًا يشعر أن هناك شيئًا غامضًا يحيط بقريته، سرًّا دفينًا لم يُكتشف بعد.

قصة حارس الكنز وحكمة الأجداد حكايات من التراث القديم 

وذات يوم، بينما كان يسير قرب أطراف الغابة، سمع صوتًا عميقًا ينبعث من كهف مظلم وسط الأشجار الكثيفة. اقترب بحذر، ليجد أمامه شيخًا عجوزًا ذو لحية بيضاء طويلة، يرتدي عباءة سوداء مطرزة بالنجوم الفضية.

قال الشيخ بصوت مهيب:
"لقد كنتُ في انتظارك، يا مالك. أنت الوحيد الذي يمكنه كشف اللغز الدفين الذي خبأه الأجداد في هذه الأرض."

تردد مالك للحظة، لكنه لم يستطع مقاومة الفضول الذي تملّكه. فسأل الشيخ:

"أي لغز تقصد؟"

أجاب الشيخ بصوت منخفض كأنه يهمس بسرٍّ خطير:
"إنها قصة كنز الحُكماء، كنز لا يُقدّر بثمن، لكنه محميٌ بلعنة لا يستطيع كسرها إلا صاحب القلب الصافي والعقل الحكيم."

ارتجف قلب مالك، لكنه قرر أن يواجه المجهول، فسأل الشيخ:

"وأين أجد هذا الكنز؟"

ابتسم الشيخ وأشار نحو الأفق، حيث كان الجبل العالي يلوح في المسافة البعيدة. وقال:
"هناك في أعماق الجبل المظلم، خلف البحيرة الزرقاء، وحيد القرن الذهبي يحرس المدخل. لكن انتبه، فإن الطريق محفوف بالمخاطر، ولن تصل إليه إلا بعد اجتياز ثلاث تجارب عظيمة."

تحمّس مالك لهذه المغامرة، واستعد للرحيل في صباح اليوم التالي، دون أن يعلم أن القدر يخبئ له مفاجآت لم تخطر له على بال.


الجزء الثاني: الرحلة إلى الجبل المظلم

مع بزوغ الشمس، انطلق مالك في رحلته، يحمل كيسًا صغيرًا فيه بعض الطعام والماء، وعصاه الخشبية التي صنعها بيديه. سار لأيام طويلة حتى وصل إلى البحيرة الزرقاء، حيث رأى انعكاس الجبل على سطح الماء كأنه مرآة تُظهر له ما ينتظره في الأعماق.

لكن فجأة، سمع صوتًا مدويًا، وظهر أمامه مخلوق غريب يشبه التنين، له جناحان عملاقان وعينان تلمعان كالذهب.

قال المخلوق بصوت غاضب:
"من يجرؤ على الاقتراب من أرض الحُكماء؟"

لم يتراجع مالك، وقال بثقة:

"أنا مالك، جئتُ بحثًا عن الحقيقة والكنز المفقود."

ضحك التنين بصوت كالرعد، ثم قال:
"لن تتقدم إلا إذا أجبت عن سؤالي!"

الكنز المفقود
الكنز

وافق مالك، فألقى التنين عليه اللغز الأول:
"أنا شيء يزداد كلما أُخذتَ منه، فما أنا؟"

فكر مالك قليلًا، ثم أجاب بابتسامة:

"الحفرة."

تأمل التنين إجابته، ثم أفسح له الطريق، قائلاً:
"لقد نجحت في أول اختبار، لكن القادم سيكون أصعب."

عبر مالك البحيرة وواصل طريقه نحو الجبل، لكنه لم يكن يعلم أن المغامرة الحقيقية لم تبدأ بعد…


يتبع في الجزء الثالث… 😃🔥 هل ترغب في متابعة القصة؟

الجزء الثالث: وادي الأرواح الهائمة

بعد اجتياز البحيرة الزرقاء، واصل مالك رحلته صعودًا نحو الجبل المظلم. لكن مع كل خطوة يخطوها، بدأ الضباب يزداد كثافة، حتى وجد نفسه داخل وادٍ غامض يحيط به السكون المريب. كان الهواء مشبعًا برائحة غريبة، وأصوات همسات تتردد في الأرجاء، كأنها أرواح هائمة تبحث عن خلاصها.

وقف مالك بحذر، وهو يدرك أن هذه هي التجربة الثانية التي تحدث عنها الشيخ العجوز. فجأة، تجسدت أمامه أشباح شفافة لرجال ونساء يرتدون ملابس من عصور غابرة، كانت عيونهم جوفاء، ونظراتهم تحمل مزيجًا من الحزن والرجاء.

قالت إحدى الأرواح بصوت خافت:
"أيها الغريب، لا يمكنك العبور قبل أن تحلّ لغزنا، وإلا ستبقى هنا للأبد مثلنا!"

أخذ مالك نفسًا عميقًا، وأومأ برأسه موافقًا، فقالت الروح:
"نحن أناس وقعنا في فخ الطمع، بحثنا عن الكنز المفقود ففشلنا، وعوقبنا بالبقاء في هذا الوادي. ولكن هناك سر واحد يحررنا… ما هو الشيء الذي يمتلكه الجميع لكنه لا يراه إلا الآخرون؟"

فكر مالك طويلًا، ثم قال بثقة:
"السمعة!"

ساد الصمت لثوانٍ، ثم بدأت الأرواح تتلاشى واحدة تلو الأخرى، بينما همست بصوتها الأخير:
"لقد نجوت… لكن احذر، فالخطر الحقيقي لا يزال بانتظارك!"

شعر مالك برجفة تسري في جسده، لكنه لم يسمح للخوف بالتسلل إلى قلبه. واصل طريقه إلى قمة الجبل، حيث كان يعلم أن الاختبار الأصعب لا يزال أمامه…


الجزء الرابع: حارس الكنز وحكمة الأجداد

عند وصوله إلى قمة الجبل، وجد مالك نفسه أمام بوابة حجرية ضخمة، محفورة عليها رموز غامضة، وعلى جانبيها تماثيل لأسود مجنحة تنظر إليه بعيون كأنها تحذره من الاقتراب.

وفي وسط الساحة، كان هناك وحيد القرن الذهبي، ذلك الحارس الأسطوري الذي تحدث عنه الشيخ. كان مخلوقًا مهيبًا، قرنه يتوهج بضوء غريب، وعيناه تعكسان حكمة العصور القديمة.

تقدم وحيد القرن خطوة وقال بصوت عميق:
"لقد وصلت إلى النهاية، لكن لا يحق لك دخول الكنز إلا إذا أجبت عن سؤالي الأخير!"

أومأ مالك مستعدًا، فقال الحارس:
"ما هو الشيء الذي إذا قُسم زاد، وإذا شاركه الناس أصبح أعظم؟"

تأمل مالك السؤال لثوانٍ، ثم ابتسم وقال:

"المعرفة." قصة حارس الكنز وحكمة الأجداد حكايات من التراث القديم 

عندها، اهتزت الأرض قليلًا، وتوهجت البوابة الحجرية بنور أبيض، وبدأت بالانفتاح ببطء، كاشفة عن ممر يؤدي إلى قاعة عظيمة مليئة بالمخطوطات والكتب والكنوز القديمة. لم يكن الكنز ذهبًا أو مجوهرات، بل كان معرفة الأجداد وحكمتهم، التي لا تُقدر بثمن.

فهم مالك حينها أن أعظم كنز ليس الذهب، بل العلم والحكمة، وعاد إلى قريته ليشاركهم ما تعلمه، ويصبح واحدًا من أعظم الحكماء في زمانه.

وهكذا انتهت رحلة مالك، لكنه ترك وراءه إرثًا خالدًا بأن العقل هو أغلى ما يملكه الإنسان.

 أقرأ ايضا قراءة رواية لا أحد ينام في الإسكندرية حكايات جعمقة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال